واللهـ يحبـ المحسنينـ

المساهمات : 42 تاريخ التسجيل : 25/02/2008

من تأمل الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تحث على كظم الغيظ والعفو عن الناس يجد أن الشريعة الإسلامية تدعو وترغب وتتشوف إلى أن يكون الإنسان صافي القلب مخموم الفؤاد ليس في قلبه على أحد غلاً أ وحقداً أو حسداً بل أن يكون سليم الصدر ظاهره وخافيه سواء، لأن الإنسان من طبعه الخطأ والنسيان فلذلك يرشد الخالق سبحانه إلى العفو عن المخطئ والمسيء فهو سبحانه تواب رحيم يغفر الزلات ويتوب عن المقصرين المستغفرين فهو يفرح بتوبة عبده وأمته، فحري بالمسلم أن يكون من أولئك الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله سبحانه (( الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ))
هاهو الصحابي الذي شهد له الرسول بالجنة عندما دخل المسجد ...
يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، يقول أحد الصحابة،فتتبعته حتى أعلم ما يصنع فبت عنده ثلاث ليال فلم أجد أنه كثير صوم أو صلاة ،فسألته ما يصنع حيث شهد له الرسول بالجنة فقال:الأمر كما ترى غير أني لا أحمل في قلبي شيئاً على أحد من المسلمين فقال الصحابي الآخر : هذه التي أو صلتك والتي لا نطيق !
ومن طبيعة البشر أيضاً الغضب وهو ذلك الداء الذي ينخر في البيوت ويهدم العلاقات و يقوض بنيان الأخوة ، فأين العفو والمسامحة عند الغضب ؟
إن الغضب يؤدي إلى المشاكل في كثير من الأحيان فكم من أسر تفرقت وأصحاب اختلفوا وزوجين انفصلا بسبب الغضب الذي يعمي ويصم .
ومن هنا تأتي المجاهدة في كظم الغيظ والعفو عن الناس ثم المرحلة الأخيرة ((والله يحب المحسنين )) .
في الحديث أن أعرابياً أخذ برداء الحبيب (صلى الله عليه وسلم ) فجذبه جذبة شديدة حتى أثرت في صفحة عنقه الشريف، ثم قال له بجفوة : يا محمد أعطني من مال الله لا من مال أمك أو أبيك !
فالتفت إليه الحبيب ( صلى الله عليه وسلم) وتبسم وقال: أعطوه، أو كما قال (صلى الله عليه وسلم ) فانظر أخي لهذه الأخلاق النبوية العالية (( وإنك لعلى خلق عظيم ).
ثم انظر أخرى لصفوان بن معطل الذي يخاطب المصطفى 0صلى الله عليه وسلم) بقوله: أعطني حقي يامحمد، والله إنكم لمطل يا بني عبد المطلب.
فينظر إليه عمر رضي الله عنه ويقول: والله لوما أحاذر من لومي لضربت بسيفي هذا رأسك .
فيرتعد ويخاف إذ الكلام من عمر وما أدراك ما عمر !
فينظر النبي (صلى الله عليه وسلم ) إلى عمر ويتبسم ويقول: أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك أن تأمرني بحسن الاداء وتأمره بحسن الطلب... اذهب يا عمر و أعطه حقه وزده عشرين صاعاً جزاء ما روعته،فينطلق عمر ويعطيه حقه ويزيده عشرين صاعاً ،فيقول صفوان: مه يا عمر ما هذه الزيادة ؟ فيقول عمر:أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك عشرين صاعا جزاءماروعتك فيقول صفوان: هل تعرفني يا عمر ... أنا صفوان حبر اليهود ولم يكن شيء من علامات النبوة إلا عرفته فيه إلا أنه يسبق حلمه غضبه ولا تزيده شدة الغضب عليه إلا حلماً فا شهدك يا عمر أن لااله إلا الله وأن محمد رسول الله وأشهدك يا عمر أن شطر مالي صدقة في سبيل الله !.
((خذهم بالرقى إن المهارى يهيجها على السير الحداء ))
أرأيت أخي كيف تكون الدعوة بالأخلاق ؟ إنها والله أخلاق الأنبياء الذين اصطفاهم الله سبحانه .
وأخطأت أمة _ أو غلام _ عند أحد الصحابة فلما رأت الغضب في وجه سيدها قالت له: والكاظمين الغيظ فقال: قد كظمت غيظي فقالت: والعافين عن الناس، فقال: قد عفوت عنك، فقالت: والله يحب المحسنين،فقال: أنت حرة لوجه الله .
أرأيت هذه الأخلاق وهذه النفوس الكريمة والكبيرة التي تصبرت على فعل الخير حتى صبرها الله سبحانه .
وعندما تعلم أن الإسلام يدعو إلى كظم الغيظ والعفو عن المسيء فإنه يحذر من الغضب ففي الحديث يقول (صلى الله عليه وسلم ) لأحد الصحابة (( لا تغضب )) فردد مراراً قال: لا تغضب. إن الغضب يجر إلى مشاكل متعددة (اجتماعية ودينية وتربوية وصحية) وغيرها من المشاكل التي لو علمها البعض لجاهد نفسه على كظم الغيظ وعدم الغضب، بل عفواً ومسامحة وغفراناً للناس .
ويرشد الدكتور سلمان بن فهد العودة إلى إن تحميل النفوس فوق طاقتها من الأعمال
والا لتزامات والمشاكل ونحو ذلك يجعل الإنسان متوتر الأعصاب يثور في اليد يشاجر نسمة الريح يغضب بلا سبب،و يغضب مما لا بغضب منه أحد ...والسبب أنه متعب ومتوتر قد استهلك طاقتة العصبية وصارت أعصابه كأسلاك الكهرباء العارية تصعق كل من يقترب...
لابد من راحة الجسد والنفس ...والترفيه البريء...والغذاء المتوازن...والرياضة في الهواء الطلق...والصحبة الطيبة مع النفس.
أيضاً فإن القاسي على نفسه قاس على غيره ...متوتر...منرفز...
وكذلك من يطلب الكمال في الأمور والناس...فانه طلب المستحيل...وأحرق أعصابه بلا معنى...لأنه لاكمال في هذه الدنيا...فالكمال لله عز وجل...وكل الناس يخطئون وينسون ويهملون أحياناً... اعرف طباعهم واصحب التسامح والتماس الأعذار لهم ( فأعقل الناس أعذرهم للناس ) .
إن هذه العضلة التي في صدرك قابلة للتدريب والتمرين فمرن عضلات القلب على كثرة التسامح والتنازل عن الحقوق وعدم الإمساك بحظ النفس وجرب أن تملأ قليك بالمحبة !
فلو استطعت أن تحب المسلمين جميعاً فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم بل سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد وأنه يسع الناس كلهم لوا ستحقوا هذه المحبة .
فمرن عضلات قلبك على التسامح في كل دقيقة قبل أن تخلد إلى النوم وتسلم عينيك لنومة هادئة لذيذة .
سامح كل الذين أخطؤوا في حقك وكل الذين ظلموك وكل الذين حاربوك وكل الذين قصروا في حقك وكل الذين نسوا جميلك بل وأكثر من ذلك...انهمك في دعاء صادق لله سبحانه وتعالى بأن يغفر لهم وأن يصلح شأنهم وأن يوفقهم وستجد أنك الرابح الأكبر.
و كما تغسل وجهك ويدك بالماء في اليوم بضع مرات أو أكثر من عشر مرات، لأنك تواجه الناس؛فعليك بغسل هذا القلب الذي هو محل نظر الله سبحانه وتعالى .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )أخرجه مسلم .
فقلبك الذي ينظر إليه الرب سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات احرص ألا يرى فيه إلا المعاني الشريفة والنوايا الطيبة .
اغسل هذا القلب وتعاهده يومياً لئلا تراكم فيه الأحقاد والكراهية والبغضاء والذكريات المريرة التي تكون أغلا لاً وقيوداً تمنعك من الانطلاق والمسير والعمل ومن أن تتمتع بحياتك )).
ويشير الكاتب الدكتور خالص حلبي إلى حالات تمر على الإنسان أثناء الغضب فيقول : يتحول الوجه إلى قطعة غير محببة لو أبصر صاحبها نفسه في المرآة لساءه الأمر ...واستولت عليه الأحزان .
وفي الانفعال يغلو البدن كأنه في جحيم وتضطرب أخلاط البدن الداخلية ومن هنا كان الهدوء والسلام دواء وكان الانفعال مرضاً قاتلاً يرفع الضغط ويدفع لإحتشاء القلب ويسمم المزاج ويضعف الدماغ ويدفع خلايا البدن إلى التحول السرطاني ويضع الأعصاب تحت توتر غير عادي...
إن القرآن يقص علينا رحلة الوصول إلى مرحلة الإحسان في ثلاثة أمور: القدرة على الإنفاق مع عسرة اليد وضبط النفس عند الانفعال والمغفرة للآخرين في الإساءة .
ويحكي عن قصة حدثت له بقوله :مر عليّ وقت تألمت فيه من أذية آخر ولكن شعور الغفران غسل قلبي وتطهرت وسامحته دون أن أعلن ذلك ورجعت النفس إلى حافة السواء بفضل الله وكرمه.
وقد حدثت لي مثل هذه القصة حيث أساء إليّ أحدهم ولكن وقفت مع نفسي حينها بين أمرين إما أن أغضب وأقيم الدنيا ولا أقعدها (واجعل من الحبة قبة كما يقال) وإلا سامحته وغفرت له واشتري بذلك صحتي ووقتي وحتى ديني حيث أن الحبيب (صلى الله عليه وسلم ) لم يغضب لنفسه قط إلا أن تنتهك محارم الله .
نعم إن كان الأمر يتعلق بقضية دينية وغضبت غيرة وحمية على ذلك فأنت مأجورو مثاب أما إن كانت القضية تتعلق بأمور الدنيا والعلاقات الشخصية فإن الأمر لا يستحق فاغفر وسامح واعف عمن ظلمك أو أساء إليك فإن العمر قصير والأجل محدود والناقد بصير وعند الله تجتمع الخصوم.
ضع دائماً أمام عينيك انه (صلى الله عليه وسلم ) كان حليماً رؤوفاً رحيماً بأمته فإنه ((بالمؤمنين رؤوف رحيم ) فلم يضرب في حياته غلاماً قط ولم يغضب لنفسه بل يسامح ويغفر ويتجاوز بل ويكافئ بالحسنة السيئة (( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم )) لتكن قدوتنا جميعاً الصادق المصدوق (صلى الله عليه وسلم ) في جميع الأمور وليكن لسان حالك ومقالك (اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ))

همسة: إنماالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم.
م.ن

المساهمات : 55 تاريخ التسجيل : 24/02/2008

جزاك الله خير الجزاء

وجعله في موازيين حسناتك

لاعدمناك اخوي

جزاك الله خير اخوي غلاك بقلبي

على هذا الموضوع المفيد جدا

وتقبل مروري

عــــ شق ــــا اللــــــيل

المساهمات : 17 تاريخ التسجيل : 16/03/2008

جزاكـ الله خير اخوي

ماننحرم

ننتظر جديدك

** واللهـ يحبـ المحسنينـ **

واللهـ يحبـ المحسنينـ